كيف تجد هويتك الفنية وتتميز عن غيرك؟

اذا كنت فنان مبتدأ وقمت بواجبك بالتعرف على أنواع الألوان المختلفة للرسم سواء المائية أو الزيتية أو الإكريليك أو القواش وغيرها من الألوان واخترت نوع محدد لنقل الألوان المائية أو الإكريليك بما أننا في هذه المدونة نتكلم فقط عن هذين النوعين من الألوان. تعرفت على أساليب الرسم المختلفة وأيضا فهمت نظرية الألوان وأتقنتها

الآن أنت ترسم بالألوان المائية منذ شهور ، لكنك تشعر أن شيئًا ما ينقصك. كلما أصبحت أكثر دراية بتقنيات الرسم، كلما شعرت أن هناك شيئًا مفقودًا في لوحة الرسم الخاصة بك والتي يمكنك رؤيتها في لوحات الفنانين الأكثر شهرة. حسنًا ، العنصر المفقود في لوحاتك في هذه المرحلة هو الهوية النفية الخاصة بك.

ماذا أعني بالهوية الفنية الخاصة للفنان؟.سأقدم لك مثالاً يمكنك من خلاله فهم المقصود. عندما ترى لوحة لفنان أنت معجب به ، يمكنك أن تدرك أن هذه اللوحة هي عمل هذا الفنان حتى بدون قراءة اسم الفنان على اللوحة. حسنًا ، ما جعلك تميز الفنان من لوحته هو ما نسميه الهوية الفنية للفنان.

هويتك الفنية هي الطريقة التي ترى بها وتختبر العالم من حولك وكذلك رؤيتك الخاصة وعواطفك وخبراتك وكيف تنعكس هذه الخبررات والرؤيةفي اختيارك لموضوعات الرسم والتقنيات والألوان ومزاج اللوحة.

تكمن أهمية العثور على الهوية الفنية هي أنها توفر الترابط بين جميع لوحاتك بغض النظر عن الاختلافات بين هذه اللوحات من حيث الموضوع, مما يؤدي إلى إنشاء أسلوب متماسك مرتبط باسمك يمكن من يشاهد لوحاتك من تمييزها عن غيرها بسهولة. فمثلا لو نظرت إلى لوحاتي ستجد أنه يغلب عليها تدرجات لون البحر بالإضافة الى عالم الخيال والتعبير عن المشاعر الإنسانية مع العلم أني مازلت في بداية مشواري الفني إلا أن هويتي الفنية أخذت ملامحها الخاصة وبدأت بالتميز. أنت أيضا لاحظ لوحاتك حتما ستجد مايميزها عن غيرها ويسهم في تحديد شخصيتك الفنية.

عملية ايجاد هويتك كفنان تتطلب البحث عما يميزك سواء على مستوى الشخصية أو التقنيات المستخدمة أو المواضيع أو طريقة التعبير عن هذه المواضيع, وبالتالي تكوين أسلوبك الفني الفريد. كمثال عندما تشاهد لوحات الفنان الكويتي علي علم دار مباشرة تستطيع تمييزها عن غيرها على الرغم من أنه متخصص برسم البورتريه إلا أن اسلوبه الفريد جعل لوحاته مميزة ذات شخصية فنية واضحة, وأهم مايميز الفنان علي هو رسم الوجوه بدون أفواه وكأنه يدعونا لنركز على اللغة الغير منطوقة في لوحاته أولا وفي من حولنا ثانيا.

إن رحلة العثور على هويتك الفنية قد تستمر فترة طويلة وقد تحتاج إلى التعديل والتغيير فالفنان يتطور باستمرار وقد تختلف هويته الفنية التي تظهر من خلال لوحاته باختلاف المراحل العمرية والفنية التي يمر بها. لذا اذا لم تجد هويتك الفنية لحد الآن لاتنزعج وحاول أن تطبق النقاط التي سأذكرها أدناه لتساعدك في إيجاد هويتك الفنية:

لا تخف من التجربة و الاستكشاف. جرب تقنيات مختلفة ، مثل الطبقات والرسم السلبي , الرطب على الرطب ، والرطب على الجاف ، والفرشاة الجافة ، والتنقيط لفهم كيفية تأثير كل تقنية على نتائج لوحاتك. جرب تركيبات لونية غير عادية أو موضوعات غير متوقعة. مرحلة الاستكشاف هذه هي التي تتعرف من خلالها على التقنيات والمواضيع المفضلة لديك وتساعدك على ايجاد هويتك الفنية.

أيضا مرحلة الاستكشاف قد تتعرض بها لكثير من الأخطاء وهي ا
لأخطاء التي سميتها في مقال سابق الأخطاء السعيدة. بدلاً من النظر إلى الأخطاء على أنها فشل ، اعتبرها فرصًا للاستكشاف الإبداعي. اسمح لنفسك بحرية التجربة والاستمتاع بالألوان المائية هذا الوسيط اللصعب السهل بنفس الوقت ، ولا تخف من التخلي عن التوقعات المسبقة. من خلال دمج وتكييف تقنيات مختلفة في رسوماتك الخاصة، يمكنك البدء في تطوير أسلوب فني فريد لك.

ابحث في أعماقك وحاول أن تترجم مشاعرك وتجاربك الخاصة على الورق. باستخدام الألوان المائية تستطيع ترجمة منظورك الفريد وعواطفك إلى لوحات مميزة وأسلوب خاص بك غير مكرر بدلا من تكرار نفس المواضيع التي يرسمها الرسامين الآخرين.

لاكتشاف الموضوع الذي يجذبك ، تحتاج إلى الانتباه إلى ما يلفت نظرك أثناء تجولك في عالمك المحيط بك أو أثناء الإطلاع على لوحات فنية لفنانين آخرين.. هل هو جمال الطبيعة الهادئة من أزهار وأشجار وزهور، أم الطاقة الصاخبة للمدينة وما بها من حركة ومشاهد حضرية ، أم التفاصيل في المباني والمعمار؟ غالبًا ما تعكس الموضوعات التي تنجذب إليها عالمك الداخلي أو محاولتك لنقل التجربة البشرية ويمكن أن تصبح عنصرًا مميزًا لهويتك الفنية.

أيضًا ، خذ وقتًا للتفكير في المشاعر والقصص والخبرات التي تلهمك ، واستكشف طرقًا لإبرازهافي لوحاتك المائية. سواء أكان الأمر يتعلق برسم هدوء الطبيعة ، أو التعبير عن طاقة المناظر الحضرية ، أو نقل مشاعر التجربة الإنسانية.

ادرس أعمال فناني الألوان المائية الآخرين ودوِّن العناصر التي تجذبك وتعلق في ذهنك. احضر المعارض واغمر نفسك في عالم الرسم بالألوان المائية. ارسم باستمرار واحرص على أن ترسم وأنت تضع في بالك عمل مجموعات فنية وبناء الملف الفني الخاص بك. هذه الخطوة حتى وأن كنت في البداية ستساعد على إيجاد هويتك الفنية. شارك أعمالك الفنية مع زملائك الفنانين أو الموجهين أو المجتمعات الفنية وشارك أيضا في المسابقات الفنية للحصول على النقد والتوجيه باستمرارمما يساعد في صقل وتعزيز هويتك الفنية الفني.

تواجد بالقرب من الفنانين الآخرين الذين تميل الى أسلوبهم الفني بل حتى أولائك الذين يختلفون عنك ففي كل تجربة مختلفة درس جديد. فالهدف من التواجد الدائم في المجتمعات الفنية ليس النقل والتقليد ب الهدف هو تبادل الأفكار والمشاركة في الورش الفنية. أيضا تواجدك في المجتمعات الفنية والتواصل مع الفنانين الآخرين يعطيك جرعة من التحفيز لتستمر في رحلتك الفنية كما يعطيك أمثلة حية لطبيعة حياة الفنان والطرق التي اتبعها الفنانين الذين سبقوك للوصول الى أهدافهم في مجال الفن. هذه الطرق تستتطيع اتباعها والتعديل عليها لتناسب شخصيتك وهدفك الفني وتوفر عليك التعرض للكثير من العقبات.تابع فنانين آخرين على وسائل التواصل الاجتماعي واحضر معارضهم وورش العمل الخاصة بهم. اجعل من زيارة المعارض والمتاحف جزءًا أساسيًا من جدولك الشهري.

قم برسم مجموعة متكاملة من الأعمال الفنية بما لايقل عن ستة أعمال واحرص على الاتساق والترابط في هذه المجموعة. على الرغم من أهميةتجربة أنماط وتقنيات مختلفة أثنار رحلتك الفنية، إلا أن التركيز على العناصر المميزة التي تظهر باستمرار في لوحاتك يمكن أن يساعد في تحديد هويتك الفنية. يمكن أن تكون هذه العناصر ألوان معينة ، أو موضوع متكرر ، أو ضربة فرشاة مميزة ، أو استخدام مميز للفراغ السلبي. يمكن أن يساعد الاتساق والترابط في عملك على إنشاء هوية فنية مميزة ويمكن التعرف عليها.

من الأمور التي أحرص عليها كل يوم بعد الاستيقاظ من النوم هو عمل تمرين رسم سواء لتجربة ضربات فرش جديدة أو خلط ألوان معينة أو تقنية رسم جديدة. هذا التمرين اليومي أصبح جزء أساسي من صباحاتي مهما كنت مشغولة. حتى وإن أضطررت للخروج باكرا أحرص على حمل سكيتش بوك وألوان محمولة للرسم متى سنحت لي الفرصة وأنا بالخارج المهم أن لا يمر يوم دون أن أمارس تمارين الرسم. لكن أحرص على أن تكون هذه التمارين ممتعة وليست عبئ عليك اجتيازه. يتطلب تطوير الهوية الفنية الشخصية وقتًا وتفانيًاواستمرارية. كلما زاد عدد اللوحات التي ترسمها ، كلما شعرت براحة أكبر مع الوسيط وهنا أتحدث عن اللوان المائية، وكلما ظهرت هويتك الفنيةالفريدة بشكل أكبر. تذكر أن الشك وتحقيرالذاتوالتقليل من إمكاناتك وجودة رسوماتك هم الأعداء الشائعينللفنانين, تخلص منهم بالتدريب المستمر والممارسة الدائمة والتشجيع الذاتي الداخلي.

يعد العثور على الهوية الفنية كفنانًا للألوان المائية عملية شخصية مستمرة قابلة للتطوير. فالهوية الفنية هي مزيجًا من المهارة الفنية والاستكشاف الذاتي والتجريب الإبداعي وتراكم الخبرات. من خلال فهم الأساسيات واستكشاف أنماط وتقنيات مختلفة وتقبلالأخطاء والتعبير عن المشاعر وتطوير الاتساق والبحث عن الإلهام ، يمكنك الشروع في رحلة اكتشاف الذات تقود إلى التعبير الأصيل عن هويتكالفنية من خلال الرسم بالألوان المائية والتي اعتبرها آسرة وتسبب الإدمان الجميل. لا يتعلق البحث عن هويتك الفنيةبتحقيق الكمال أو تقليد أسلوب فنان آخر. بل يتعلق باكتشاف منظورك الفريدللحياة بشكل عام وللفن بشكل خاص واستخدام الألوان المائية للتعبير عنه. تذكر أن إيجاد هويتك الفنية هيرحلة ، وليست وجهة. سوف تتطور وتتغير مع مرور الوقت مع نموك وتعلمك. استمتع بالرحلة والاستكشاف و ثق بأن هويتك الفنية الفريدة سيظهر من خلال لوحاتك بسلاسة دون إجبار.